رواية سجينه جبل العامري بقلم ندا حسين (كاملة)
و وعد وابنها
أجابتها بحرارة وهي تنظر إلى جبل تبعث إليه آخر كلمات جملتها
أنا الحمدلله كويسه انتوا وحشتوني أوي
أومأت إليها زوجة عمها ومازلت مترددة تشعر بالتوتر فقالت
وأنتي كمان بس
بقيت تتابعها تحاول أن تفهم ما الذي تريد قوله فوجدتها صمتت تماما فحثتها هي على الحديث
بس ايه
شدت نفسها واستجمعت قوتها وعهدها المعروف فنظرت إليها بقوة وحزم وقالت تذكرها بما قالته سابقا
مكانك
ابتسمت وهي تتودد إلى جبل إليه من الحين إلى الآخر
اكتشفت إني ماليش مكان غيرها يا مرات عمي
استنكرت الأخرى بشدة وخرج صوتها باستغراب
فجأة كده
قالت بهدوء تشرح لها ما شعرت به
لأ مش فجأة أنا اللي كنت بكدب نفسي بس خلاص أنا رجعت ومش خارجه منها تاني
استدارت تنظر إليه قائلة
قال بجدية شديدة ونبرة غليظة وهو يصر على الحديث بالألغاز ولكنها تفهمه جيدا
الجزيرة مكان لكل العوامرية ومكان لكل واحد مالوش مكان زيك يا تمارا
أقتربت مرة أخرى تقف أمامه بتحدي لأنها تعتقد أنه لن يمسها بسوء كما في السابق ېخاف عليها من الهواء المار جوارها فقالت بثقة
بس ده مكاني وليا فيه كتير أوي يا جبل
محدش قال غير كده بس المرة دي حافظي عليه علشان المرة الجاية ملكيش رجعة
وقفت أمامه بثقة أكبر وتحدي أكبر ونظرت إلى داخل عيناه المخيفة التي لطالما كانت ملجأ لها
هحافظ عليه وهرجع كل حاجه كانت ملكي فيه قبل ما أمشي
نظر إلى وعد مبتسما باتساع دون أن يعطيها أي اهتمام يجيبها
ردت تنظر إليه بعمق تحاول التسلل إلى داخله لتفهم ما الذي يفكر به
بكرة تشوف لسه قلوبنا بتنبض يا جبل
استدار ينظر إليها بقسۏة خالصة عڼف ضاري ظهر داخل عينيه وعلى ملامح وجهه الذي تغيرت بعد كلماتها فقال بغلظة وخشونة
بالقسۏة يا تمارا بتنبض بالقسۏة
نظرت إليه للحظات فلم تستطع التكملة داخل عينيه التي أصبحت غريبة للغاية ليست عيناه التي تعرفها ليست هي
ازيك يا حلوة
أجابتها الصغيرة برقة وهدوء
الحمدلله يا طنط
تعالت ضحكات تمارا تنظر إليها وإلى والدتها وقالت ساخرة
طنط لأ أنا مش طنط
تحدثت والدته عندما وجدتها لا تريد النزوح عن هنا تقترب منها تحدثها على الذهاب إلى الأعلى
اطلعي يا تمارا وريها اوضة يا فرح تنام فيها
تحدثت وهي تنظر إليه
أنا عارفه اوضتي كويس يا مرات عمي
صدمها عندما ابتسمت باتساع وهو يرى ثقتها الزائدة وقال بخشونة
مبقتش موجودة
سألته باستغراب وقد خالف توقعها
يعني ايه
قال بجدية وهو يبتعد إلى الداخل ومعه وعد ببرود تام
يعني اوضتك مبقتش موجودة استخدمتها في حاجه تانية مفيدة أكتر من أنها تكون اوضتك
نظرت إليه وهو يبتعد تراه يحاول أن يثبت لها أن مكانها لم يعد موجود اسمها وحبها وكل ما كان لها هنا رحل معها عندما تركته
أقتربت من زينة تنظر إليها بعمق ونظرتها نحوها ماكرة
لسه محتاجة أتعرف عليكي يا زينة!
الأخرى تقريبا فهمت كل ما حدث منذ قليل من كلمات جميعها ألغاز ونظرات متحدية وماكرة وأخرى واثقة فقالت لها بهدوء
آه زينة
أومأت إليها برأسها وهي تتابع النظر إليها قائلة بخبث
هيبقى بينا حكايات كتير أوي الفترة الجاية دا أنتي مرات الغالي يا زينة
لم تجيب عليها ولم تعيرها أي اهتمام ولكنها فهمت ما الذي يريده هو منها في هذه الفترة التي ستكون هي متواجدة بها هنا فنظرت إليها بثقة وأحبت هذه اللعبة قائلة
بابتسامة
أكيد عن اذنك أشوف جبل
نظرت إليها بقوة وكأنها تحدي أشارت إلى شقيقتها أن تذهب معها تدلف إلى الداخل وتركتها تنظر في أثرها تتسائل هل كل هذا حقيقي!
جلس الجميع على سفرة الطعام لتناول العشاء ومن بينهم الزائرة الجديدة لقصر العامري تمارا التي تركت القصر بكامل إرادتها وتخلت عن كل ما كان ملكها به وخارجه وتركت جزيرة العامري بأكملها محتجة على وجودها بها الآن تعود ورأسها به الكثير والكثير عن عودة كل ما كان لها
نظرت إلى إسراء بعينين مستغربة فضولية وسألتها وهي توزع بصرها على ملامحها الجميلة
بس أنتي شكلك مش مصرية
رفعت زينة رأسها وتركت الطعام نظرت إليها وخرج صوتها المسائل
اشمعنى يعني
أبعدت عيناها من على إسراء ونظرت إلى زينة بهدوء تستوعب سؤالها ثم أجابت عليها بسخرية تحاول التقليل من جمالها
شكلها يدي على أجانب مش حساها أختك خالص
ابتسمت إليها بسماجة وهي تعلم أنها تريد فعل ذلك ولم تعطي لاجابتها اهتمام فأجابت إسراء
أنا
مامتي تركية
أومأت إليها برأسها وهي تضع معلقة الطعام في فمها وتحدثت بعدما ابتلعت قائلة
مش قولتلك شكلك مش مصري شعر أصفر وعيون زرقا
أكملت الأخرى بهدوء وجدية تصحح لها معلوماتها
في مصرين بشعر أصفر وعيون زرقا بردو عادي على فكرة
ابتسمت إليها قائلة بمجاملة
مش حلوين زيك
ردت إليها إسراء الابتسامة الخجلة للغاية قائلة برقة ورفق
شكرا
اغتاظت فرح من مدح تمارا الزائد في الماثلة أمامها وشعرت بالغيرة الشديدة البعيدة كل البعد عن عاصم الآن ولكنها تشعر أن هذه الفتاة تأخذ مكانها بالبطيء وتحظى باهتمام الجميع فقالت بغيظ
مش أوي كده يا تمارا أحسن تتغر جمالها عادي يعني زينا
نظرت إليها إسراء باستغراب شديد ف إلى الآن لا تدري ما سبب كرهها الشديد لها أو دعنا لا نقول كره يمكن أن يكون مجرد بغض لطريقتها التي تتعامل بها والتي تعتبرها مزيفة! أبعدت نظرها عنها غير مهتمة بحديثها الذي حظى باهتمام زينة
خرج صوت
وجيدة تنظر إلى تمارا بجدية تسائلها
قوليلي يا تمارا أمك عامله ايه ومجتش معاكي ليه
تركت ملعقة الطعام على الطاولة وتعمقت بالنظر إلى عينيها أنها تعلم تصرفات زوجة عمها جيدا وتتوقع ما القادم منها
أمي قاعدة عند خالي رفضت ترجع معايا الجزيرة
كل هذا كان تحت أنظار ومسامع جبل الذي جلس بهدوء شديد يتابع حديثهم وينظر إلى كل تعبير صغير يخرج من أي منهن
سألها بسخرية بعدما أجابت على والدته
ولما هي رفضت رجعتي أنتي ليه
ابتسمت وبمنتهى الثقة نظرت إليه قائلة
قولتلك يا جبل جاية على طول وهرجع كل حقوقي
أنهت جملتها وهي تنظر إلى زينة نظرة ذات مغزى فلم تستطع الأخرى الصمود أمام نظرتها فتركت ملعقتها ونظرت إلى جبل وتفوهت تسائلة مستفهمة
حقوق! حقوق ايه اللي بتتكلم عليها
نظر إليها مبتسما بزاوية فمه يسخر منها وهو ينظر إليها بطرف عينه يحاول في كلماته أن يظهر للأخرى أنه يحب زوجته
متشغليش بالك بكلام تمارا يا حبيبتي أصلها كانت ساعات كتير بتهلوس
اغتاظت منه بشدة ونظرت إليه بعمق تحاول أن تدرك هل هذا هو نفسه هل ستكون المهمة صعبة إلى هذه الدرجة فهو لم يتغير به أي شيء حتى ملامح وجهه لم تزداد شيء إلا قسۏة وعڼف لم تختلف إلا في تهجمها وتغير روحها
لم يتغير به شيء إلا جسده أصبح أقوى وأضخم من السابق لا ترى أي تغيير سوى هذا وذاك فهل حقا يوجد غيرهم داخله تغيير
ابتسم أكثر اتساعا وهو يتابع قائلا بقسۏة وغلظة عكس ما يظهر على ملامح وجهه وهو يتذكر كل ما مضى
عارفه العيل الصغير لما يستغني عن حاجه والحاجه دي تروح لحد غيره فيحس بالغيرة ويبقى عايز يرجعها أهي تمارا كده فاكرة نفسها جاية تاخد كل اللي سابته ومشيت
تنظر إليه زينة بعدم فهم وكل ما يأتي بخاطرها يعبر
عن أشياء تراه هو بهذه الصفات يرفضها ولكن من الواضح أنها تفهم
ما يحدث جيدا
أخرجتهم من الصمت الذي حل عليهم وهي تقول بغيظ تنظر إليه
سبق وقولتلك هرجع كل حاجه وأنت أكتر حد عارفني
وضع ذراعه على ذراع المقعد الجالس عليه ورفع كف يده ويستند باصبعة الإبهام والسبابة على وجنته ناظرا إليها بسخرية يقول بلا مبالاة
لأ مبقتش أعرفك السنين بتغير ومتحاوليش تتعاملي معايا على إنك تعرفيني ولا مع أي حد هنا
تحدثت وجيدة لتخفف
حدة ما يحدث وتخفي ذلك الحديث الذي يمر من أسفل الطاولة
شبعتي يا وعد
أومأت إليها الصغيرة برأسها قائلة بصوت خاڤت
آه يا تيته
وقفت على قدميها تبتعد عن الطاولة وأقتربت من الفتاة تأخذها للخارج
تعالي نغسل أيدينا سوا
أومأت إليها وذهبت معها
ماشي
أمسك جبل بيد زينة الموضوعة على الطاولة ونظر إليها بنظرة محبة مشتاقة لا يدري إن كانت خرجت منه بعفوية أو كانت مصطنعة لأجل إحراق الأخرى
تعالي عايزك
أومأت إليه على الرغم من استغرابها التام لما يحدث وما حل عليه ولكنها عاونته قائلة
ماشي
نظرت إليه ابنة عمه احترق قلبها وهي تتسائل هل ستدفع الثمن لأجل ذهابها من الجزيرة
دفعت تمارا بيدها أحد أطباق الحساء الموضوعة على الطاولة جوار زينة لتقع على قدمها اليسرى بكل عڼف تفرغ ما تحويه عليها وهو ساخن للغاية
صړخت زينة بقوة ووقفت سريعا تبعد المقعد للخلف تحترق قدمها والنيران تلتهب بها وتغيرت ملامح وجهها كثيرا وهي تتألم
وقفت تمارا هي الأخرى معها تمثل الاهتمام والآسف لما فعلته عن عمد
أنا آسفة آسفة مأخدتش بالي والله
لكنها كانت تشعر بالغيرة تنهش قلبها تتألم لرؤيتهم هكذا وهذا الشيء من حقها وهي من تستطيع الحفاظ عليه والشعور به
تألمت زينة بقوة وقدمها تخرج منها النيران تحترق تشعر بفوران الډماء داخلها تتألم بصمت والدموع متحجرة بعينيها أقتربت منها إسراء سريعا ولكن جبل قد جذبها إليه ينظر إليها بقلق بالغ يرده إليها عندما قلقت عليه ولكنه كان نابع من قلبه ونظر إليها پخوف شديد وهو يرى الدموع تقف على أعتاب عينيها بسبب الألم القابع داخل قدمها
قابلته والدته في طريقها إلى الداخل مرة أخرى تنظر إليه باستغراب تسائلة
أنت بتعمل ايه يا جبل
خرجت خلفه شقيقتها فأجابت هي
عليها لأنه لم يعطيها اهتمام
زينة وقعت على رجلها الشربة
هرولت خلفه والدته وهي تصرخ عليه
طب استنى يابني ادهنلها حاجه عليها
أومأ برأسه وهو يصعد الدرج قائلا بجدية
ماشي
ثم تركهم وأبتعد بها إلى الأعلى يختفي عنهم في داخل غرفة نومهم ليرى ما الذي أصاب قدمها بسبب تلك الغبية الحقېرة التي عادت بعد أن خمدت نيرانه وانطوت صفحة الهوى الخاصة بها معلنة عن وجود وحش كاسر كان قابع داخل قلبه وكشف عن أنيابه وظهوره في غيابها وتخليها عنه
أجلسها على الفراش ووقف مستقيما يتقدم إلى المرحاض وهو يقول بحزم
اقلعي البنطلون
نظرت إليه ببلاهة وهو يبتعد عنها تتابع حركاته بعينين متسعة عليه وقدمها تحترق داخلها ألم ممېت لا تحتمله
عاد إليها وبيده كريم الذي سيضع لها منه ليخفف حدة ألمها ويعالج ما حدث نظر إليها وقال بقوة
مش قولت اقلعي
وجدها ما زالت تنظر إليه بجدية واستغراب فتفوه ساخرا وهو يجذبها من يدها لتقف
أكيد مش
أول مرة تقلعي فيها قدامي
غمزها بعينه الخبيثة الخضراء صاحبة اللمعة المخيفة وهو يكمل بتهكم
كده ولا ايه
تنظر إليه فقط ولم تتحدث يا له من حقېر حيوان يعبث بها كلما سمحت له الفرصة ليفعل ذلك شعرت بيده